التنمر: آثاره وأنواعه وعلاجة

إن التنمر، الذي كا

ن في السابق يُعتبر روشنة أو استظرافًا، أصبح اليوم مشكلة اجتماعية صعبة ومؤذية يجب التعامل معها بجدية. قد تكون ضحية التنمر في مواقف متعددة، سواء على صعيد الشكل الخارجي، اللباس، الوضع الاجتماعي، الحالة المادية، أو حتى الأداء الأكاديمي. لذا يجب على الفرد أن يتفاعل مع هذه التحديات بشكل فعال ويدرك أهمية التصدي للتنمر.

تعريف التنمر

التنمر ليس مجرد استهتار أو هزار، بل هو سلوك عدواني متكرر يهدف إلى إيذاء وتهديد الأفراد الذين يُعتبرهم المتنمرون ضعافًا أو سهلين. على الرغم من أن التنمر يُشبه هجوم النمر على فريسته، إلا أنه يتميز بعدم وجود قواعد أو قوانين تنظمه، مما يجعله أكثر فظاظة وأذى.

لذا فتعريف التنمر هو سلوك عدواني متكرر يتميز بالإيذاء والتهديد لفرد معين، وغالبًا ما يكون الهدف هو الفرد الذي يعتبره المتنمر ضعيفًا أو سهل الهدف. يمكن توسيع مفهوم التنمر ليشمل السلوك الضار في سياقات متنوعة مثل المدرسة، ومكان العمل، والمجتمع الرقمي.

خصائص التنمر

لتنمر عدد من الخصائص التي تدلل عليه منها:

  • التكرار: يكرر السلوك بشكل متكرر، وليس حدثًا عابرًا.
  • العدوانية: يهدف التنمر إلى إيذاء الفرد، سواء عاطفيًا أو جسديًا، وقد يتضمن اللفظ الجارح، الاستهزاء، أو حتى التعنيف الجسدي.
  • النية الضارة: يتم القيام بالتنمر بنية ضارة وعدم احترام للآخرين، وذلك بهدف التسلية أو السيطرة.

أنواع التنمر

هناك عدة أنواع من التنمر زمنها:

  1.  التنمر الجسدي  Physical bullying

يشمل الضرب واللكم، حيث يتم استخدام العنف الجسدي كوسيلة للسيطرة. على سبيل المثال، الاعتداء الجسدي في المدارس.

  1. التنمر اللفظي  Verbal bullying

يشمل استخدام الألفاظ السلبية والتنمر اللفظي الذي يسهم في إحراج الشخص وتقليل ثقته بنفسه. على سبيل المثال، التعليقات المهينة والساخرة.

  1. التنمر الاجتماعي  Social bullying

يركز على نشر الشائعات وتشويه العلاقات الاجتماعية لعزل الفرد عن المجتمع. على سبيل المثال، نشر الأكاذيب حول حياة الفرد.

  1. التنمر الإلكتروني  Cyberbullying

يحدث عبر وسائل التواصل الاجتماعي ويشمل التنمر اللفظي والاجتماعي والنفسي. على سبيل المثال، نشر الصور المحرجة على الإنترنت.

  1. التنمر النفسي  Psychological bullying

يستهدف الجانب النفسي للفرد، يشجع على الشعور بالوحدة والعزلة ويُحدث انخراطًا نفسيًا سلبيًا. على سبيل المثال، التنمر على السلوكيات والشخصية.

  1. التنمر الجنسي  Sexual bullying

يستند إلى التحرش الجنسي والتعليقات المهينة بشكل علني. على سبيل المثال، الاعتداء الجنسي اللفظي.

  1. التنمر العنصري/تميزي  Prejudicial bullying

يستهدف الاختلافات العرقية أو الدينية أو الجنسية، مما يؤدي إلى السخرية والتمييز. على سبيل المثال، التنمر بسبب اللون أو الدين.

التأثيرات النفسية للتنمر

التنمر يُعد ظاهرة اجتماعية تُسبب تأثيرات نفسية قوية على الضحية وحتى على المتنمّر نفسه وسنقوم بتحليل التأثيرات النفسية للتنمر على الضحايا والمتنمرين، مستعرضين العواقب العاطفية والأكاديمية والصحية.

التأثير على الضحية

       أ) التأثير العاطفي:

التنمر يتسبب في مشاعر سلبية عميقة، مما يؤدي إلى:

–    القلق والاكتئاب: الشعور بالضغط النفسي يؤثر على حالة الضحية.

–    انخفاض التقدير الذاتي: يشعر الفرد بأنه دائمًا أقل من الآخرين.

–    زيادة العرضة للاضطرابات النفسية: التنمر يزيد من احتمالية تطوير اضطرابات نفسية.

       ب) التأثير الأكاديمي والعقلي:

تأثيرات سلبية على الأداء الأكاديمي والقدرات العقلية:

–    انخفاض في الأداء الدراسي: القلق والتوتر يؤثران على التركيز.

–    صعوبات في التركيز والذاكرة: التنمر يشتت الانتباه ويؤثر على القدرة على التركيز.

–    ضعف في قدرة حل المشكلات واتخاذ القرارات: الشخص يصبح مترددًا ويفتقر إلى الثقة في قدراته.

       ج) التأثيرات الصحية الجسدية:

التأثيرات النفسية تنعكس على الصحة الجسدية:

–    مشاكل في النوم والأرق: الضغط النفسي يؤثر على نوعية النوم.

–    حالات صحية مزمنة: الصداع وآلام المعدة يمكن أن تظهر نتيجةً للإجهاد النفسي.

التأثير على المتنمّرين

المتنمّرون أيضًا يتأثرون نفسيًا:

       أ) التأثيرات العاطفية والاجتماعية:

–    زيادة السلوك العدواني: التنمر يزيد من استعداد المتنمر للعدوان.

–    صعوبات في تكوين علاقات إيجابية: التنمر يخلق عزلة اجتماعية.

       ب) الأثر على السلوك الجنائي:

–    خطر ارتكاب أفعال جنائية: المتنمّرون يمكن أن يتطوروا لارتكاب أفعال جنائية نتيجة لزيادة العدوان.

كيفية التعامل والوقاية من التنمر

التنمُّر كظاهرة اجتماعية خطيرة تتسبب في تأثيرات سلبية على الأفراد والمجتمعات. لذا، يتطلب التصدي له نهجًا متكاملاً يشمل الوقاية، التوعية، التدخل، والعلاج. سنستعرض الأربع نقاط الرئيسية حول كيفية التعامل مع التنمُّر.

1. الوقاية (Prevention):

وهي تشمل عدة تطبيقات:

       – بناء الثقة:

يتعين على الأهل تقديم الدعم لأطفالهم وتعزيز بناء الثقة بأنفسهم. ذلك يقلل من فرص التنمُّر، حيث يكون من الصعب على المتنمر استهداف شخص ذو ثقة عالية.

مثال: تشجيع الطفل على تحقيق أهداف صغيرة وتقديم الإشادة عند تحقيقها

       – فهم الحياة:

يمكن تعزيز ثقة الطفل من خلال توفير تجارب مواقف حياتية صعبة بشكل مدروس وتوجيههم في كيفية التعامل معها.

مثال: تقديم مواقف واقعية محاكاة للطفل لتعليمه استراتيجيات التغلب على التحديات.

    2. برامج التوعية والتثقيف (Education and Awareness Programs):

ومن تطبيقاتها الناجحة:

       – تثقيف جميع الأطراف:

يجب توعية الطلاب والمدرسين وأولياء الأمور حول التنمُّر وأثره السلبي. ذلك يساعد على كشف حالات التنمُّر والتصدي لها.

مثال: إقامة جلسات توعية دورية في المدارس لشرح خطورة التنمُّر وطرق التصدي له.

       – تعليم المهارات الاجتماعية:

يجب تعزيز فهم الأطفال والمراهقين لأهمية التعاطف والتعاون. ذلك يقلل من حدوث حالات التنمُّر ويعزز بناء علاقات إيجابية.

مثال: إدماج تدريبات على المهارات الاجتماعية في المناهج الدراسية.

    3. التدخل والدعم (Intervention and Support):

وتشتمل على عدة خطوات:

       – آلية للإبلاغ عن التنمر:

يجب وجود آليات فعالة للإبلاغ عن حالات التنمُّر، مما يسمح بالتدخل السريع وتوفير الدعم للضحية.

مثال: إنشاء خطوط ساخنة للإبلاغ عن حالات التنمُّر في المدارس.

       – الدعم النفسي والسلوكي:

 يتطلب ذلك تقديم الدعم النفسي للضحية وتشجيعها على بناء ثقتها بنفسها، بالإضافة إلى اللجوء إلى علاجات موجهة ضد الصدمات في حالات التنمُّر الشديد.

مثال: تقديم جلسات فردية مع مستشار نفسي للتعامل مع آثار التنمُّر.

    4. العلاج النفسي والسلوكي:

والعلاجات النفسية والسلوكية تحديدا من اهم الخطوات الهامة في عملية العلاج:

       – علاج الضحية:

 يتضمن ذلك توفير الدعم النفسي، وتعزيز الثقة بالنفس، والتركيز على العلاج الموجه ضد الصدمات لمعالجة الآثار النفسية للتنمُّر.

مثال: تقديم جلسات علاج نفسي تحت إشراف متخصص لتحسين الصحة النفسية للضحية.

       – علاج المتنمر:

   يشمل العمل على تحسين سلوك المتنمر من خلال العلاج السلوكي-المعرفي وجلسات إدارة الغضب.

   مثال: تقديم برامج تدريبية للمتنمر لتحسين مهاراته في التعامل مع الآخرين.

       – علاجات مشتركة:

  يُنصح بتنفيذ جلسات علاج عائلي ومجموعات دعم جماعية للتحكم في جذور المشكلة وتحفيز التعاون بين الأفراد المعنيين.

مثال: إقامة جلسات تحفيزية مشتركة للضحية والمتنمر لتحسين الفهم المتبادل وتعزيز التواصل الفعّال.

وفي نهاية حديثنا عن التنمر يجب أن نؤكد إن مواجهة التنمر يتطلب تفهمًا عميقًا للتأثيرات النفسية والاجتماعية لكلا من الضحايا والمتنمرين. يتعين على المجتمع أن يتحدى هذا السلوك الضار ويعمل على تشجيع ثقافة منحازة لاحترام الآخرين وتعزيز التلاحم في المجتمع.

Scroll to Top